فاتحة:
الإسلام
واحد: لكن الفهم والوعي به يتعددان،بل ويختلفان بين كل من لم يلمسوا بعد
شموليته، ولم يدرسوا كنهه وجواهره: فمن متعلم لايهمه من الإسلام إلا أوامره
ونواهيه: مجتهدا للإنضباط على حلاله مبتعدا عن حرامه، إلى عالم فقيه
وظيفته الكبرى الدعوة للعمل الإسلامي..إلى مفكر فقيه مختص في إحدى شعبه،إلى
الراسخ في العلم الذي عرف من الدين جواهر لا تفهم إلا بمستويات عليا
منطـقا وفقها ولغة..إلى باحثين في اختصاصهم في الإطار الإسلامي ،..وإلى
وإلى.."وفوق كل ذي علم عليم"مما يجعلنا نجزم أن للإسلام في كل علم
موضوعه..وفي كل قضية كلمته:
ففي
القرآن الكريم تفصيل لكل العبادات وأيضا إشارات عديدة لكثير من المواضيع
العلمية والإجتماعية والإقتصادية والحضارية التي لاتعد ولا تحصى:{وأنزلنا
عليك الكتاب تبيانا لكل شيء}.بل ومع اتساع رقعة العالم الإسلامي دخلت
إشكاليات حضارية كاملة مع إسلام شعوبها كما كان حال شمال إفريقيا ودول آسيا
الشمالية والوسطى وغيرها من دول شرق أوربا..مما جعل الفكر الإسلامي ياخد
مكانته الرفيعة مـنذ العصور الأولى للخلافة الرشيدة.. الثرات الذي تراكم
بعد مع الأمويين ثم العباسيين ومن بعدهم لحد ترجمة العديد من
العلوم العجمية للعربية باسم الإسلام..وإقامة بيت الحكمة العباسي.
وهكذا
كان للثرات الإسلامي منذ البدء التنوع المأتلف ثم الإجتهاد المختلف. رغم
الخلاف المتخالف والمذموم أحيانا مما أثرى الإسلام بكثير من العلوم
القرآنية والعديد من المواضيع الحديثية والتي لازال رحمها خصبا
للزيادة..مما يؤكدالثراء المعرفي الغني لديننا الحنيف..
وهكذا
ظهرت العديد من التيارات الفكرية والمذاهب الفقهية وظهر أيضا غلاة المذاهب
لحد إلغاء الفكر عند البعض، والإستخفاف بالنقل عند آخرين، رغم أن دور
المنقول لايلغيه المعقول ،ووظيفة المعقول يؤكدها المنقول أيضا..فالنقل أساس
لايعلو بغير العقل..والمعقول بكل بساطة شرح وتعمق وتفكر في المنقول..وكان
منذ البدء التقليد أساس..والتجديدمفتاح لامناص للأمة منه كما أكد الرسول
صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله:{إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة
سنة من يجدد لها أمر دينها}.
فالتجديد
حقيقة إسلامية فرضت نفسها منذ عصر البعثة : والتفكر في الناسخ و المنسوخ
يفهمنا جيدا أهمية التدرج المترادفة مع كل معاني التجديد الذي يلغي بتاتا
الجمود في الفكر والإجتهاد، كما يحارب التقليد الأعمى الذي تحاول فرضه بعض
التيارات قديما أو حديثا باسم العض بالنواجد على عصر الصحابة ، وإلغاء دور وفكر من
سواهم من علماء وفقهاء ومفكري وفلاسفة الأمة بل وحكمائها ،رغم أنه لا يخلو
عصر من مجددين وحكماء عاملين، أوتوا من العمق في فهم المنقول ما لم يوت
سواهم..فحاربهم البعض باسم الجمود المتصلب على المنقول الذي منه يؤكد كل
الحكماء علومهم وحكمهم..
وباسم بداية الـتعلم ينكر العديد من المتصلبين الثـمار الكـبرى للراسخــين في الـعـلم من أولـيـاء الأمـة، والـذيـن توا ثرت علومهم بل وكراماتهم..مما جعل الحكمة تحارب باسم السنة التي هي بريئة من هذا الإدعاء..وجعل الإبداع يحارب باسم البدعة..في حين أن الحكم على سنة مستحذثة بالبدعة لايجوز إلا من جهابدة الفقهاء، لأن الأصل في الشرع هو الإباحة، ما لم يكن هناك نص يحرم، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:" من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سن سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة"الأمر الذي يحتاج إلى دراسة عميقة مقارنة مع الحديث الذي يستدل به السلفيون كثيرا وهو:" كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار".ومن هذا المنطلق ينفون التجديد لحد إلغاء علم الأولياء أوعلم التصوف الذي يعد علم الرسوخ في العلم أوالعرفان، و المتكامل مع علوم البرهان وعلوم البيان التي تعد ثلاثيتها مجمل علوم الدين.والذي لن يدرسه عاقل أو يمارسه ذو لب إلا واستنتج عمقه قرآنا وسنة.
وباسم بداية الـتعلم ينكر العديد من المتصلبين الثـمار الكـبرى للراسخــين في الـعـلم من أولـيـاء الأمـة، والـذيـن توا ثرت علومهم بل وكراماتهم..مما جعل الحكمة تحارب باسم السنة التي هي بريئة من هذا الإدعاء..وجعل الإبداع يحارب باسم البدعة..في حين أن الحكم على سنة مستحذثة بالبدعة لايجوز إلا من جهابدة الفقهاء، لأن الأصل في الشرع هو الإباحة، ما لم يكن هناك نص يحرم، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:" من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سن سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة"الأمر الذي يحتاج إلى دراسة عميقة مقارنة مع الحديث الذي يستدل به السلفيون كثيرا وهو:" كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار".ومن هذا المنطلق ينفون التجديد لحد إلغاء علم الأولياء أوعلم التصوف الذي يعد علم الرسوخ في العلم أوالعرفان، و المتكامل مع علوم البرهان وعلوم البيان التي تعد ثلاثيتها مجمل علوم الدين.والذي لن يدرسه عاقل أو يمارسه ذو لب إلا واستنتج عمقه قرآنا وسنة.
والعديد
من المسلمين اليوم يجهلون علم الحكمة وفهم حكماء الأمة للسنةالشريفة،وكسد
لهذا الـفراغ في كتب العصر كانت هاته السلسلة بشعار:"الحكمة ضالة المؤمن"
بكتابها الأول هذا المنحصر في حكمة الفقيه الحنبلي والشيخ الصوفي عبد
القادر الجيلاني قدس الله سره، وهو في نفس الوقت تقديم لـلتربية الروحية
كما مارسها ولا يزال يمارسها العديد من صلحاء الأمة الذين تؤكد كتاباتهم
عمق الفكرة كما تؤكد ممارساتهم إنضباط السلوك...:
ففي
الفكرة هناك دوما المنطوق والمفهوم والسطح والعمق، و المبنى و المعنى ثم
ما وراء المعنى من ذوق وتجليات..فهناك إذن الفهم الصائب لكن هناك أيضا
الفهم الأصوب..وصواب الإجتهاد يتعدد، لكن الصواب الحق
والجامع واحد : ولهذا كان المبنى أساس المعنى..كما أن التجديد أفق
التقليد..وكما أن دروس الإيمان غاية ممارسات الإسلام.. وعلم اليقين سقف
حقائق الإيمان..وعلوم الإحسان تاج أسس الإسلام...وليس كل مسلم بمومن وليس
كل مومن بمحسن كما أنه ليس كل فقيه بصديق..:
فالوعي بالدين وممارسته تختلفان باختلاف الرؤوس..ولكل فهمه الخاص لفلسفة
ا لتدين كما أن لكل غايته الخاصة من الدين..وإن كان المتصوفة قد جعلوا
غاية كل غاياتهم في قوله تعالى "يريدون وجهه" فإن هذا لايلغي المطامع
الأخرى كما يؤكد ذلك قوله تعالى:"وادعوه خوفا وطمعا".
ولهذا
فإن التوحد على السنة الشريفة وعلى" السنة والجماعة" هو في حقيقته توحد
على كل هاته المستويات وهو في جوهره جمع بين الفقه والفكر وبين الشريعة
والحقيقة وبين ظاهر النصوص وبواطنها..ومن أجل هذا كان الخلاف بين كل من
جزأوا السنة الشريفة غلوا في
أشكالها لحد الجمود على عصر البعثة، و بين من لم يعيروا لظاهر النصوص ما
يستحقه من تقديس ..فخالف السلفي المجدد ، وخالف المحدث المفكر، وخالف
الفقيه الفيلسوف في الوقت الذي يجب أن تتلاقح فهوماتهم جميعا بين أخذ ورد
ونيل وعطاء. وبالتركيز طبعا على كل التوا بث ك:
ـــ عدم الزيغ على ظاهر العقيدة.
ـــ عدم الإبداع في العبادات دون نص.
ـــ عدم أدلجة النصوص.
ـــ عدم التمسك بفقهاء السلف فقط.
ـــ الإستبصار بكل العلوم.
والملم
بهذا الشمول لابد أن يعترف بأن العلوم الإنسانية كلها بواخر متبحرة في
محيط علوم الإسلام والإيمان والإحسان..وفي المحيط هناك البحر والساحل ..وفي
البحر هناك العميق والأعمق..وهناك الحيتان "كما أن هناك اللؤلؤ
والمرجان".فهناك من يستهويه الجلوس بالسواحل..لكن هناك من لايرضى بغير
اللآلئ..ولهذا كان الإسلام بفرائضه الخمس أساس الدين، وكان الإيمان بفرائضه
الست ركن اليقين،وكان أيضا الإحسان فرض الشعور بالحضرة الإلهية والذي لم يذقه كل المسلمين:إنطلاقا من قوله صلى الله عليه وسلم:"الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك"..
وهاته
الجملة الشريفة تستدعي فهما متينا حتى في تركيبها اللغوي ومبناها:فهناك
التشبيه ب "كأنك"وهذا يستعصي مجازه على العديد من الناس،وهناك التوكيد
ب"فإنه" الأمر الذي لايلمسه أيضا كل من أسلم ولم يوقن بعد..بل وهذا التصور
لذات العلي سبحانه فرض حقيقة بل وكل حقائق الإحسان..."فالله يرانا " حق
لاينكره أي مسلم..لكن الشعور بهاته الحضرة الربانية ليس بالأمر الهين على من أسرته رسوم الكون وحبسته الأشكال..
فالإحسان فهم لما وراء المبنى، وهو تذوق للمعنى، مما
يستعصي على من استعبدته العبارة ولا يصيغ ذوقه الإشارة...ولهذا فإن
للمباني والعبارات فروضها للتأسيس كما أن المعاني والإشارات تدعوا لاختراق
الآفاق..ولـئن كان المبنى سلطان اللسان فإن المعنى فهم الجنان..والشعور
بمعية الله هي لب الإحسان:وفي هذا الإحسان يغرق كل الصادقين في تصوفهم السني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق