الاثنين، 3 ديسمبر 2012

9}منتهى القول


      
من خلال هذه الحكم المنيرة والمنارة بهدى القرآن وسرائر السنة ؛ يتبين لأول وهلة بأن هاته  الصفات التي يدعو لها هذا الشيخ الجليل صعبة التطبيق ؛ وتعسير للدين.. لكن كل هذا سيبدو سهلا إذا فهمنا وراعينا:
1/ الظروف التي كان يعيشها الشيخ: من زهد في الدنيا وكذاالتربية التي تربى عليها منذ صباه .
2/ الكرامات  التي كانت  تحثه على السير في هذا المقام الرفيع في رحاب الله وولايته
3/ مستوى التصوف الذي بلغ أوجه في حقبته .
ولهذا فإنه كان واثقا من ولاية الله له ؛ وحين كان يتكلم فإنه ينظر للخاصة لا للعامة ؛ بل ولخاصة الخاصة كما أكد ذلك  بقوله بأن "مواعظه لآحاد الناس"، عسى أن يوصل الله على يد يه إلى مقام الولاية بعضا من مريديه بعد أن ذاق هو أسرارها ،فأبى إلا وهبها تربويا لكل من كانت له العزيمة القوية للسلوك  صوب  رحاب الله الواسعة برحمته وغفرانه .
وتعد مواعظ هذا الشيخ رحمه الله من نواذر الدروس والعبر وبدائع الأساليب والعبارات ؛ ذات مستوى راق في فتح كل آفاق الفكر والقلب بل والروح ؛ وتجعل المسلم يعطي حقا علاقته بالله مباشرة يقل نظيرها شرحا في كثير من المواعظ  .ومواعظه في كتابه القيم : الفتح الرباني والفيض الرحماني برهان ذلك .
فهو يرتكز على الكتاب والسنة كأساس متين للتفكر بل والسباحة في ملكوت الله: وهذه من أشرف المقامات التي يدعو لها الإحسان في الإسلام ، "فأطر للتصوف الحق الذي ينزع الدنيا من القلب لا من اليد ويمضي بالمسلم لغاية غايات الإسلام وهي : إرادة وجهه تعالى ..وبإيجاز كبير فإن النصيحة الشاملة للشيخ هي :" أن يترك المريد حظوظ نفسه حتى يمازج قلبه روحه بل وسره ؛ فيصقل فكره بالمشاعر والخواطر والواردات الربانية التي لاريب في أن كل من صدق إلا ونال من لذتها وحلاوتها ... لكنها رغم ذلك  تبقى فقط وسيلة للانفراد بالله عز وجل وذوق تجليات أسراره وأسمائه وصفاته ."
فالتصوف إذن هو إحسان الإسلام وعلم الولاية ..وتربية الروح  ومجاهدة النفوس ، ومن هنا يبدأ الصلاح ، كما قال تعالى :" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق